تدخّل الحوثيين في حرب غزة تنفيذ استراتيجية ايرانية أم مصالح داخلية رادار
تدخل الحوثيين في حرب غزة: تنفيذ استراتيجية إيرانية أم مصالح داخلية؟ (تحليل فيديو رادار)
يشكل تدخل جماعة أنصار الله (الحوثيين) في الصراع الدائر في غزة، والذي تصاعد منذ السابع من أكتوبر 2023، موضوعًا بالغ التعقيد يتجاوز مجرد التضامن مع القضية الفلسطينية. فالسؤال المطروح، والذي يناقشه فيديو قناة رادار على يوتيوب تحت عنوان تدخّل الحوثيين في حرب غزة تنفيذ استراتيجية ايرانية أم مصالح داخلية رادار (https://www.youtube.com/watch?v=7MELFRAXeFA)، هو: هل هذا التدخل يمثل تنفيذًا محضًا لاستراتيجية إيرانية إقليمية، أم أنه ينبع أيضًا من مصالح داخلية حوثية بحتة، أم مزيج معقد من الاثنين معًا؟
لمحة عن الحوثيين ودورهم الإقليمي:
قبل الخوض في تحليل دوافع التدخل الحوثي، من الضروري تقديم لمحة موجزة عن الجماعة وتاريخها ودورها الإقليمي. الحوثيون، حركة سياسية دينية شيعية ظهرت في صعدة شمال اليمن في تسعينيات القرن الماضي، وارتكزت على معارضة الفساد والتهميش الذي تعرض له الزيديون (أحد فروع الشيعة) في اليمن. تطورت الحركة لاحقًا إلى قوة عسكرية وسياسية مؤثرة، تمكنت من السيطرة على أجزاء واسعة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء، منذ عام 2014. وقد خاضت الجماعة حربًا طويلة الأمد ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، مدعومة بتحالف عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية.
يُنظر إلى الحوثيين على نطاق واسع على أنهم حليف وثيق لإيران، حيث يتلقون منها دعمًا ماليًا وعسكريًا واستخباراتيًا. هذه العلاقة الوثيقة تجعل الحوثيين جزءًا من ما يسمى بـ محور المقاومة الذي تقوده إيران، والذي يضم أيضًا حزب الله في لبنان وحركات أخرى في المنطقة. بالتالي، فإن أي تحرك حوثي في المنطقة غالبًا ما يُنظر إليه من منظور علاقته بإيران وأهدافها الإقليمية.
الاستراتيجية الإيرانية وأثرها على تدخل الحوثيين:
لا شك أن الاستراتيجية الإيرانية تلعب دورًا هامًا في توجيه السياسة الخارجية للحوثيين، بما في ذلك تدخلهم في حرب غزة. إيران تسعى إلى توسيع نفوذها في المنطقة ومواجهة خصومها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية. من خلال دعم الحوثيين، تتمكن إيران من ممارسة الضغط على خصومها عبر اليمن، الذي يمثل موقعًا استراتيجيًا هامًا يطل على مضيق باب المندب الحيوي.
في سياق حرب غزة، يمكن تفسير تدخل الحوثيين كجزء من استراتيجية إيرانية أوسع تهدف إلى ممارسة الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهما في المنطقة. من خلال شن هجمات صاروخية وطائرات مسيرة على إسرائيل والسفن المرتبطة بها في البحر الأحمر، يسعى الحوثيون إلى إظهار التضامن مع الفلسطينيين وإجبار إسرائيل على وقف هجومها على غزة. كما أن هذه الهجمات تهدف إلى تعطيل حركة الملاحة البحرية وإلحاق الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي، مما يزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية.
علاوة على ذلك، فإن تدخل الحوثيين في حرب غزة يخدم مصالح إيران من خلال إضعاف موقف المملكة العربية السعودية، التي تقود التحالف العسكري ضد الحوثيين في اليمن. من خلال إظهار قوتهم وقدرتهم على تهديد إسرائيل، يسعى الحوثيون إلى إثبات أنهم قوة إقليمية لا يمكن تجاهلها، وأن أي حل للصراع في اليمن يجب أن يأخذ مصالحهم في الاعتبار. هذا يعزز موقف إيران التفاوضي في المنطقة ويجعلها أكثر قدرة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية.
المصالح الداخلية الحوثية وتأثيرها على التدخل:
بالإضافة إلى الاستراتيجية الإيرانية، تلعب المصالح الداخلية للحوثيين دورًا هامًا في تفسير تدخلهم في حرب غزة. فالجماعة تسعى إلى تعزيز شرعيتها الداخلية وتوسيع نفوذها في اليمن، وتعتبر القضية الفلسطينية فرصة لتحقيق هذه الأهداف.
من خلال إعلان التضامن مع الفلسطينيين وشن هجمات على إسرائيل، يسعى الحوثيون إلى كسب تأييد الرأي العام اليمني والعربي والإسلامي. فالقضية الفلسطينية تحظى بتعاطف واسع في المنطقة، ويعتبر الدفاع عنها واجبًا دينيًا وأخلاقيًا. من خلال تبني هذا الموقف، يسعى الحوثيون إلى تصوير أنفسهم على أنهم المدافعون عن الحقوق الفلسطينية والمناهضون للإمبريالية والصهيونية.
كما أن التدخل في حرب غزة يخدم مصالح الحوثيين من خلال توحيد صفوفهم الداخلية وتعبئة أنصارهم. فالصراع مع إسرائيل يمثل عدوًا خارجيًا يمكن استخدامه لتعزيز الوحدة الوطنية وتجاوز الانقسامات الداخلية. من خلال التركيز على القضية الفلسطينية، يمكن للحوثيين صرف الانتباه عن المشاكل الداخلية التي تواجهها مناطق سيطرتهم، مثل الأزمة الاقتصادية والإنسانية المستمرة.
علاوة على ذلك، فإن التدخل في حرب غزة يتيح للحوثيين فرصة لإظهار قوتهم العسكرية وتطوير قدراتهم القتالية. من خلال شن هجمات على أهداف بعيدة المدى، يكتسب الحوثيون خبرة قيمة في استخدام الأسلحة الحديثة وتطوير استراتيجيات جديدة. هذه الخبرة يمكن أن تساعدهم في تعزيز موقفهم العسكري في اليمن وفي المنطقة بشكل عام.
تحليل الموازنة بين الاستراتيجية الإيرانية والمصالح الداخلية:
في الختام، يمكن القول أن تدخل الحوثيين في حرب غزة يمثل مزيجًا معقدًا من الاستراتيجية الإيرانية والمصالح الداخلية. فمن ناحية، يخدم هذا التدخل مصالح إيران من خلال ممارسة الضغط على خصومها وتوسيع نفوذها في المنطقة. ومن ناحية أخرى، يخدم هذا التدخل مصالح الحوثيين من خلال تعزيز شرعيتهم الداخلية وتوسيع نفوذهم في اليمن.
من الصعب تحديد الوزن النسبي لكل من هذه العوامل، ولكن من الواضح أن الاستراتيجية الإيرانية تلعب دورًا هامًا في توجيه تدخل الحوثيين. فالحوثيون يعتمدون بشكل كبير على الدعم الإيراني، ولا يمكنهم تحمل مخالفة أوامر طهران. ومع ذلك، فإن المصالح الداخلية للحوثيين تلعب أيضًا دورًا هامًا، حيث أنهم يسعون إلى تحقيق أهدافهم الخاصة من خلال استغلال القضية الفلسطينية.
لذا، فإن فهم تدخل الحوثيين في حرب غزة يتطلب تحليلًا معمقًا للعلاقات المعقدة بين الحوثيين وإيران، وكذلك للعوامل الداخلية التي تؤثر على صنع القرار الحوثي. يجب أن ندرك أن هذا التدخل ليس مجرد تنفيذ أعمى لاستراتيجية إيرانية، بل هو أيضًا نتيجة لمجموعة من المصالح والأهداف الداخلية التي يسعى الحوثيون إلى تحقيقها.
رابط الفيديو للمزيد من التفاصيل: https://www.youtube.com/watch?v=7MELFRAXeFA
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة